September, 27 2020
أبحرت السفينة وعلى متنها طفل يرضع من ثدي أمه ، شعر بدءاً بجمال الرحلة ؛ صدرٌ يحضنه بروءف " ويداها ترتعشان من خوفٍ عليه "
لم يأه لأحدٍ حوله ، راقهُ المركب تهزه الأمواج ؛ لم يتمتع بهكذا شيء منذ ولادته
فالفقر حال على والده من شراء سريراً له كهذا .
يُغمض ويفْتح عينيه ، حتى لا يغفل عن البحث
في شجون أهداب عيونٍ من حوله .
تسرع به مخيلته الى سماع متفجرات واصوات " قرقشة" أحذية الزجاج ، يضحك ببراءة كمن يُطفيء شموع ميلاده الذي مرّ عليه قرابة الشهر ، مستغرباً بقاء ظل الدخان ... ترى لماذا من حوله صامتون جالسون لا يُنقبون عن سبب هذا الدخان .
لم يعثر على جواب ...
أوقفت أمه رضاعه ، هل سرقوا من عظم ثديها مواد الغذاء ، هل الذين باعوها تذكرة السفر للخروج من حي الدمار هم عملاء سرقوا من حقيبتها اللبن والطحين والدواء .
ربما تلك الرحلة تطول ، فيا للعجب لما توقفت عن إرضاعه ، هل نسيت جواز سفرها في مكان ، هل ختمت تأشيرة العبور عليه...
وبدأ الصراخ حائراً جزعاً خاشياً من الجالسين حول أمه ان يكونوا من عصابات العهد ومافيا النظام .رغماً عنها جاوؤا بها الى عمق البحر ليفرغون
احلامها ويستبيحون حقوقها ويجيعون طفلها ؛ انها موءامرة سميت هجرة ، فرسانها مبشرون يحققون النبوءات لرجال السياسة ،
مستشارون روحانيون لبعض الاحزاب ، شبيهون بالقسيسة باولا وايت المستشارة الروحية بالرئيس ترامب ، والذين يتاجرون بميثاق مقروء غير مكتوب ..
وشهق بالبكاء ، وفاقت أمه من عبّارة الموت على صوت جبرائيل .. ومن هولها لم تقتدي بموقف الفقهاء المسلمين الاوائل فلم تنتظر وصول قوارب النجاة لدفنه على النحو المعتاد في القبر ، ولم تعي ان تربطه في قطعة من الخشب حتى يطفو ويأخذه الموج
الى شاطئ ويكرّم دفنه .
خالته لوءلوءة هرعت من المستشارين ان يسلبونه ،... وأكمل المخرج السينمائي " الأب" على غرار هولوود ، القصة فرواها على المشاهدين قائلاً " الضرورات تبيح المحظورات " فرميناه في البحر ، نهاية الفيلم كانت حزينة ، فبعد العثور على الطفل وفي مأتم اقيمت الصلوات على شهيد العهد حيث رفعت الأم يدها نادمة تردد :
سامحني يا ولدي ..
سامحني يا ولدي ...
وليد . أ. شميط
إعلامي في المهجر .